إبراهيم عيسي |
إبراهيم عيسي يكتب في التحرير: 770 بطلا!
لا أعرف هل سمعت من قبل عن منظمة سيناء العربية أم لا؟
عموما هى منظمة تكونت من أبطال من قبائل وبدو سيناء مع ضباط من المخابرات الحربية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، وبعد انتهاء العمليات العسكرية فى أكتوبر 1973 وانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء وتسلم الأراضى المحررة، شُكّلت لجان بالمخابرات الحربية المصرية لتحديد أسماء المجاهدين من أعضاء منظمة سيناء العربية الذين شاركوا فى تحرير سيناء وحددت اللجنة -كما يحكى اللواء فؤاد حسين فى كتابه عن سيناء- سبعمئة وسبعين شخصا من منظمة سيناء العربية، منهم 13 من العسكريين السابقين بالمخابرات الحربية، الذين أداروا أعمال المنظمة وقادوا العمل الوطنى على أرض الفيروز والباقى من غير العسكريين وعددهم 757 شخصا، ومنهم 18 شهيدا ومفقودا تم منحهم وسام الجمهورية، والباقى 739 من الأحياء تم منحهم نوط الامتياز من الطبقة الأولى، وهذه الأعداد من 12 محافظة من محافظات الجمهورية، ومعظمهم من محافظتَى شمال سيناء وجنوبها، فعدد مجاهدى سيناء ستمئة وثمانية وثمانون بطلا، ومن السويس 22 والإسماعيلية 15 وبورسعيد 11 والقاهرة 8 والشرقية 5، واثنان من كل من المنوفية والدقهلية وأسوان وواحد من كل من الغربية ودمياط، من هؤلاء مثلا الشيخ عيد أبو جرير الذى أمر مريديه وأتباعه -وهم كثيرون- بجمع الأسلحة التى تركها الجيش المصرى خلال انسحابه فى يونيو 67 وإخفائها فى أماكن سرية ثم إعادتها إلى القوات المصرية بعد الانسحاب، وقد طلبت منه القيادة المصرية ترشيح بعض الشباب لتدريبهم على أعمال المخابرات فرشح لهم ستة أفراد تم تدريبهم وتحققت على أيديهم نجاحات كبيرة فى مهامّ كُلفوا بها داخل إسرائيل. ويروى اللواء فؤاد حسين عن بطولة المجاهد شلاش خالد عرابى الذى كان يُعتبر من أنشط مندوبى المخابرات الحربية وأبرز رجال منظمة سيناء العربية الذى دوخ المخابرات الإسرائيلية بكل أجهزتها وأفقدها توازنها فى أواخر الستينيات، لذلك رصد جهاز الأمن الإسرائيلى «الشين بيت» آلاف الدولارات مكافأة لمن يرشد عنه أو يساعد فى القبض عليه حيا أو ميتا، وهو المجاهد الذى نُشرت قصته فى كتاب «المخابرات السرية العربية» للكاتب الإسرائيلى ياكوف كاروز، وهو الفدائى الذى قال عنه المدعى العام العسكرى الإسرائيلى عوزى زاك إنه وشبكته من أخطر شبكات الجاسوسية التى كشفت عنها إسرائيل حتى الآن، وذلك فى أثناء محاكمته أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية التى حكمت عليه فى التهم الأربع التى وُجهت إليه بالسجن لمدة 39 سنة.
لقد قبضت عليه المخابرات الإسرائيلية فى آخر عملية قام بها شلاش خلف خطوط العدو فى ديسمبر عام 1968، وهى العملية رقم 64، بعد مقاومة عنيفة منه وتبادل لإطلاق النار نتج عنه إصابته فى الفك وقطع فى اللسان، وقد عذبوه بقسوة وهو الجريح، وأهانوه بخسة ونذالة وهو الأسير، فلم يزده ذلك إلا حماسا وقوة، وتم الإفراج عنه بناء على طلب المخابرات الحربية المصرية فى مارس 1974 ضمن صفقة تبادل الأسرى.
وغير هؤلاء قائمة طويلة من أعظم معجزات البطولات فى تاريخ مصر لهؤلاء الشجعان الأفذاذ، لكن ماذا فعلنا لهؤلاء الأبطال؟
أقول لك يا سيدى ماذا فعلنا لتعرف أننا لن نتقدم خطوة نحو بناء وطن حديث عصرى متطور قوى عفىّ ديمقراطى حر متحضر ما دمنا نعامل أبطالنا بهذه الطريقة الرخيصة..
كيف كافأت مصر هؤلاء الأبطال؟
مصر بحكوماتها المتعاقبة وحكامها الفراعنة والمتفرعنين ومؤسساتها الجاثمة وخزائنها المراق فلوسها على الفساد والنهب قررت أن تعمل فيها وفية لأعضاء منظمة سيناء فتمخضت واتنفخت وفردت ضلوعها ورفعت صدرها، وقررت وزارة الشؤون الاجتماعية منح أعضاء جمعية مجاهدى سيناء، مكافأة شهرية قدرها ثلاثة عشر جنيها.
ما رأيكم فى هذا المبلغ الهائل الطائل؟
شوف أيضا ما الذى جرى وحصل بعدها وتحديدا بعد ست وعشرين سنة على حرب أكتوبر وتحرير سيناء، وذلك فى 18 أبريل 1999، حيث تقدم عضو مجلس الشعب عن جنوب سيناء، باقتراح برغبة بشأن صرف إعانة شهرية قدرها 200 جنيه لمجاهدى سيناء (إيه رأيك؟ مئتا جنيه أهو، عدّاهم العيب وقزح).
وقد عقدت لجنة الاقتراحات والشكاوى اجتماعا للنظر فى هذا الاقتراح (وأحب أن أسجل هنا نقلا عن المضبطة التى نشر صفحاتها اللواء فؤاد حسين أسماء الحاضرين فى اجتماع اللجنة وكانت برئاسة المستشار محمد جويلى، رئيس لجنة المقترحات والشكاوى، وحضره كل من السادة: العميد ممدوح شاهين (ممثلا لوزير الدفاع وكان وقتها عميدا قبل أن يصبح اللواء ممدوح شاهين الذى نعرفه الآن ونعرف قوانينه!)، وكذلك يحيى أحمد منصور (وكيل وزارة المالية وقتها)، ومحمد سمير بدر (وكيل وزارة المالية وقتها)، واللواء محمد فؤاد حسين (ممثلا لجمعية مجاهدى سيناء).
وقررت اللجنة تقديم اقتراح بقانون يرفع قيمة المكافأة الشهرية لأعضاء جمعية مجاهدى سيناء إلى 500 جنيه شهريا (يا للهول والعظمة!)، لكن للأسف حتى لحظة قراءتك هذه السطور لم يتم تنفيذ هذا الاقتراح ولا يزال مَن بقى من منظمة سيناء العربية يتقاضى ثلاثة عشر جنيها شهريا! لا تعليق. إلا إذا كنت تريد أن تعلق أحدا من رقبته!
رابط المقال: 770 بطلا!
المصدر: جورنال أون لاينعموما هى منظمة تكونت من أبطال من قبائل وبدو سيناء مع ضباط من المخابرات الحربية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، وبعد انتهاء العمليات العسكرية فى أكتوبر 1973 وانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء وتسلم الأراضى المحررة، شُكّلت لجان بالمخابرات الحربية المصرية لتحديد أسماء المجاهدين من أعضاء منظمة سيناء العربية الذين شاركوا فى تحرير سيناء وحددت اللجنة -كما يحكى اللواء فؤاد حسين فى كتابه عن سيناء- سبعمئة وسبعين شخصا من منظمة سيناء العربية، منهم 13 من العسكريين السابقين بالمخابرات الحربية، الذين أداروا أعمال المنظمة وقادوا العمل الوطنى على أرض الفيروز والباقى من غير العسكريين وعددهم 757 شخصا، ومنهم 18 شهيدا ومفقودا تم منحهم وسام الجمهورية، والباقى 739 من الأحياء تم منحهم نوط الامتياز من الطبقة الأولى، وهذه الأعداد من 12 محافظة من محافظات الجمهورية، ومعظمهم من محافظتَى شمال سيناء وجنوبها، فعدد مجاهدى سيناء ستمئة وثمانية وثمانون بطلا، ومن السويس 22 والإسماعيلية 15 وبورسعيد 11 والقاهرة 8 والشرقية 5، واثنان من كل من المنوفية والدقهلية وأسوان وواحد من كل من الغربية ودمياط، من هؤلاء مثلا الشيخ عيد أبو جرير الذى أمر مريديه وأتباعه -وهم كثيرون- بجمع الأسلحة التى تركها الجيش المصرى خلال انسحابه فى يونيو 67 وإخفائها فى أماكن سرية ثم إعادتها إلى القوات المصرية بعد الانسحاب، وقد طلبت منه القيادة المصرية ترشيح بعض الشباب لتدريبهم على أعمال المخابرات فرشح لهم ستة أفراد تم تدريبهم وتحققت على أيديهم نجاحات كبيرة فى مهامّ كُلفوا بها داخل إسرائيل. ويروى اللواء فؤاد حسين عن بطولة المجاهد شلاش خالد عرابى الذى كان يُعتبر من أنشط مندوبى المخابرات الحربية وأبرز رجال منظمة سيناء العربية الذى دوخ المخابرات الإسرائيلية بكل أجهزتها وأفقدها توازنها فى أواخر الستينيات، لذلك رصد جهاز الأمن الإسرائيلى «الشين بيت» آلاف الدولارات مكافأة لمن يرشد عنه أو يساعد فى القبض عليه حيا أو ميتا، وهو المجاهد الذى نُشرت قصته فى كتاب «المخابرات السرية العربية» للكاتب الإسرائيلى ياكوف كاروز، وهو الفدائى الذى قال عنه المدعى العام العسكرى الإسرائيلى عوزى زاك إنه وشبكته من أخطر شبكات الجاسوسية التى كشفت عنها إسرائيل حتى الآن، وذلك فى أثناء محاكمته أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية التى حكمت عليه فى التهم الأربع التى وُجهت إليه بالسجن لمدة 39 سنة.
لقد قبضت عليه المخابرات الإسرائيلية فى آخر عملية قام بها شلاش خلف خطوط العدو فى ديسمبر عام 1968، وهى العملية رقم 64، بعد مقاومة عنيفة منه وتبادل لإطلاق النار نتج عنه إصابته فى الفك وقطع فى اللسان، وقد عذبوه بقسوة وهو الجريح، وأهانوه بخسة ونذالة وهو الأسير، فلم يزده ذلك إلا حماسا وقوة، وتم الإفراج عنه بناء على طلب المخابرات الحربية المصرية فى مارس 1974 ضمن صفقة تبادل الأسرى.
وغير هؤلاء قائمة طويلة من أعظم معجزات البطولات فى تاريخ مصر لهؤلاء الشجعان الأفذاذ، لكن ماذا فعلنا لهؤلاء الأبطال؟
أقول لك يا سيدى ماذا فعلنا لتعرف أننا لن نتقدم خطوة نحو بناء وطن حديث عصرى متطور قوى عفىّ ديمقراطى حر متحضر ما دمنا نعامل أبطالنا بهذه الطريقة الرخيصة..
كيف كافأت مصر هؤلاء الأبطال؟
مصر بحكوماتها المتعاقبة وحكامها الفراعنة والمتفرعنين ومؤسساتها الجاثمة وخزائنها المراق فلوسها على الفساد والنهب قررت أن تعمل فيها وفية لأعضاء منظمة سيناء فتمخضت واتنفخت وفردت ضلوعها ورفعت صدرها، وقررت وزارة الشؤون الاجتماعية منح أعضاء جمعية مجاهدى سيناء، مكافأة شهرية قدرها ثلاثة عشر جنيها.
ما رأيكم فى هذا المبلغ الهائل الطائل؟
شوف أيضا ما الذى جرى وحصل بعدها وتحديدا بعد ست وعشرين سنة على حرب أكتوبر وتحرير سيناء، وذلك فى 18 أبريل 1999، حيث تقدم عضو مجلس الشعب عن جنوب سيناء، باقتراح برغبة بشأن صرف إعانة شهرية قدرها 200 جنيه لمجاهدى سيناء (إيه رأيك؟ مئتا جنيه أهو، عدّاهم العيب وقزح).
وقد عقدت لجنة الاقتراحات والشكاوى اجتماعا للنظر فى هذا الاقتراح (وأحب أن أسجل هنا نقلا عن المضبطة التى نشر صفحاتها اللواء فؤاد حسين أسماء الحاضرين فى اجتماع اللجنة وكانت برئاسة المستشار محمد جويلى، رئيس لجنة المقترحات والشكاوى، وحضره كل من السادة: العميد ممدوح شاهين (ممثلا لوزير الدفاع وكان وقتها عميدا قبل أن يصبح اللواء ممدوح شاهين الذى نعرفه الآن ونعرف قوانينه!)، وكذلك يحيى أحمد منصور (وكيل وزارة المالية وقتها)، ومحمد سمير بدر (وكيل وزارة المالية وقتها)، واللواء محمد فؤاد حسين (ممثلا لجمعية مجاهدى سيناء).
وقررت اللجنة تقديم اقتراح بقانون يرفع قيمة المكافأة الشهرية لأعضاء جمعية مجاهدى سيناء إلى 500 جنيه شهريا (يا للهول والعظمة!)، لكن للأسف حتى لحظة قراءتك هذه السطور لم يتم تنفيذ هذا الاقتراح ولا يزال مَن بقى من منظمة سيناء العربية يتقاضى ثلاثة عشر جنيها شهريا! لا تعليق. إلا إذا كنت تريد أن تعلق أحدا من رقبته!
رابط المقال: 770 بطلا!