إبراهيم عيسي |
إبراهيم عيسي يكتب في التحرير: المجلس العسكرى شارك فى نجاح المؤامرة.. إن كانت مؤامرة!
أيا كانت الجهة، خارجية أم داخلية، التى خططت لاستدراج المجلس العسكرى إلى هذه المجزرة المأساوية، فقد نجحت نجاحا مبهرا، وأول من ساعدها فى ذلك يقينا هو المجلس العسكرى نفسه!
إذا كان هناك عنوان للفشل، فهو ما جرى ليلة الإثنين السوداء، حيث وجدت مصر نفسها فى أزمة بين الأقباط والجيش، بل بين الجيش وكل مرعوب على مصر من مستقبل ليس فيه إلا الماضى!
هناك عناصر داخل مظاهرات الأقباط، سواء أكانت من متطرفين أقباط أم من أطراف عميلة لمخابرات إسرائيلية أو جهات أمنية محلية من بقايا النظام السابق، قد دخلت المظاهرة بقصد تفجير البلد، فأطلقت الرصاص على جنود مصريين حتى يسقط الجيش فى الفخ، وقد نجحت هذه الجهات فعلا، ووقع الجيش فى الفخ، ولعلها تحتسى الآن نخب نجاحها، وترسل برقيات تهنئة على تفوقها المدهش!
وإذا كان المجلس العسكرى يدرك منذ فترة أن هناك مؤامرة تحاول النيل منه، وتفكيك علاقته بالشعب، وبث روح عدائية تجاهه، فكيف اندفعت مدرعاته لإنجاح هذه المؤامرة بهذه الطريقة؟
إذا كان المجلس يتحسب ويتحسس منذ أسابيع هذا الخطر، فلماذا لم يستعد له باحتوائه وإجهاضه؟
دعنا نستبق لجان التحقيق (هذا إذا تشكلت)، ونؤكد أن مظاهرات الأقباط كانت غاضبة، ومحتجة، ومحتدمة، ومنتشرة، وهذا طبيعى فى سياق بلد يتظاهر ويعتصم كل يوم، ثم بديهى بعد حادثة هى الثالثة أو الرابعة منذ الثورة، حيث يخرج مئات المسلمين المتعصبين ويحرقون أو يهدمون كنيسة ولا يرى الأقباط جهة أو شخصيات مسؤولة عن الحرق أو الهدم تتم معاقبتها، وترمى الحكومة كل مرة بالمسؤولية على مخالفات إدارية للأقباط، ثم يُطيِّب المجلس العسكرى الخواطر بالاستعانة بشيوخ معادين للأقباط ليحلوا المشكلة بكلام وشعارات، ما تلبث أن تنهار أمام حادثة جديدة، فكانت مظاهرات متوقعة ويذكى أوارها قساوسة وكهنة متعصبون، لكن الحقيقة أن الأرض خصبة تماما للغضب، فالحكومة عاجزة حتى عن غلق فم محافظ أسوان عن التصريحات الخائبة، والمجلس سلبى فى التعامل مع الأزمات الطائفية، وإذا كان موعد المظاهرات معروفا ومكانها محددا، فلماذا لم تتحرك الأجهزة المعنية للاحتواء، أو للاستجابة، أو للحوار، أو للتخفيف، أو حتى للتحذير؟ لماذا سكت المجلس العسكرى حتى يصل الآلاف من الأقباط إلى مبنى ماسبيرو فيتعامل معهم بهذا العنف المفرط والمستغرب والمستنكر، الذى يلقى بعشرات من علامات الاستفهام والتعجب حول سره؟
وإذا كانت حماية المنشآت هى غرض هذا العنف، فما علاقة شارع الجلاء وميدان عبد المنعم رياض بالمنشآت؟ حيث مفهوم أن المنشآت هى هذا المبنى الكئيب الجالب على مصر البلاوى والمصائب، مبنى ماسبيرو إشعاع التضليل والكذب فى كل أوان، وهل حماية المنشآت تقتضى مجزرة دهس المدرعات أجساد المتظاهرين ورؤوس الأطفال؟
هل حماية المنشآت تستلزم الوقيعة بين الجيش والأقباط؟ وإثارة فضيحة عالمية لمصر وثورتها وحكمها؟
أين ذهبت عقولنا فى هذه اللحظة؟
المذهل أن المجلس العسكرى قرر أن يتحمل فشل حكومة عاجزة، ورئيس حكومة هو نموذج صارخ للعجز وقلة الحيلة.
ومع إيمانى المطلق والكامل بوطنية مجلس الوزراء من سعاته إلى رئيسه، فإننى أظن أنه يعمل دون قصد ولا تعمد لضرب مكانة المجلس العسكرى ومكان الجيش المصرى فى قلب شعبه، فالعسكرى شغال على حل مشكلات هى من صميم عمل الحكومة، والعسكرى مغروس فى أزمات أمنية هى شغلة ومشغلة وزارة الداخلية، والعسكرى يصر على حماية فشل هذه الحكومة، والإبقاء عليها، وتحمل هرائها والتصدر للمشكلات والتصدى للأمن، وكأنه يضحى بقيمته، بل وبقيمه من أجل حفنة من الوزراء برئيسهم، لو مشيوا بكرة الصبح لن يذرف عليه أى مصرى دمعة واحدة!
يجب أن يعترف المجلس العسكرى أن قواته غير مدربة ولا مؤهلة على حماية الشوارع، وتأمين الميادين، ومواجهة المظاهرات، ومطاردة الشغب، وأن صيده على طريقة الاستنزاف وإرهاق حركته وضرب هيبته يبقى سهلا أمام غضب متظاهرين عشوائيين أو مخططات مدبرين متآمرين!
على الجيش أن يحمى هيبته ومكانته من أن ينغرس فى وحل السياسة وفى مستنقع الأمن الفاشل، وعلى المجلس العسكرى أن يثبت للشعب، خصوصا الأقباط، أنه سيحقق فى كل تقصير جرى (وأرجو أن لا تأخذه العزة وينفى وجود تقصير، بل هو أبعد من التقصير وأفدح، هو فشل مريع)، وأنه سيحاسب ويعاقب من جعل جيش مصر متورطا فى قتل متظاهرين مدنيين أقباط، هذا كى يحافظ على الثقة فيه وبه. الخوف الحقيقى أن يظل المجلس العسكرى على طريقة حسنى مبارك يأبى الاستجابة إلى الرأى العام والعقل السياسى الراشد الذى يطالبه بإقالة الحكومة، وأن يبقى المشير طنطاوى مصمما على الحفاظ على الفشلة العجزة، ويرفض التغيير والتضحية بهم.
إن ما جرى مؤامرة إذا أحب المجلس العسكرى أن يصفها، ولكن السؤال: ألم تسهم أنت فى إنجاح هذه المؤامرة بإراقة دم المتظاهرين، بل بترك عناصر داخل المظاهرات سواء منها أو من خارجها تضرب أبناء من جنود الجيش؟
لن أقول إن على المجلس العسكرى أن يرحل ويترك الحكم لسلطة مدنية، فالحقيقة أن هذه السلطة لن تتوفر إلا بانتخابات حرة قادمة، لكن إلى أن يترك المجلس الحكم ويسلمه إلى المدنيين عليه أن يترك الآن مساحة ومسافة للمدنيين أن يحكموا وأن يشكلوا حائط صد بينه وبين مشكلات هو ليس قدها ولا مجهزا لها، وكما يقول فهو أيضا لا يريدها، لن نستطيع الاستمرار مع هذه الحكومة ستة أشهر أخرى، إلا لو كان المجلس العسكرى مستعدا لارتكاب مأساة أخرى من أجل عيون فشل شرف، أو من أجل الحفاظ على سياسة حسنى مبارك الرافضة والمعادية للتغيير، وأظن أن مبارك دفع الثمن غاليا، ونحن يعز علينا جيشنا العظيم أن يكون مثل الرجل الذى ثار عليه شعبه!
رابط المقال: المجلس العسكرى شارك فى نجاح المؤامرة.. إن كانت مؤامرة!
المصدر: جورنال أون لاينإذا كان هناك عنوان للفشل، فهو ما جرى ليلة الإثنين السوداء، حيث وجدت مصر نفسها فى أزمة بين الأقباط والجيش، بل بين الجيش وكل مرعوب على مصر من مستقبل ليس فيه إلا الماضى!
هناك عناصر داخل مظاهرات الأقباط، سواء أكانت من متطرفين أقباط أم من أطراف عميلة لمخابرات إسرائيلية أو جهات أمنية محلية من بقايا النظام السابق، قد دخلت المظاهرة بقصد تفجير البلد، فأطلقت الرصاص على جنود مصريين حتى يسقط الجيش فى الفخ، وقد نجحت هذه الجهات فعلا، ووقع الجيش فى الفخ، ولعلها تحتسى الآن نخب نجاحها، وترسل برقيات تهنئة على تفوقها المدهش!
وإذا كان المجلس العسكرى يدرك منذ فترة أن هناك مؤامرة تحاول النيل منه، وتفكيك علاقته بالشعب، وبث روح عدائية تجاهه، فكيف اندفعت مدرعاته لإنجاح هذه المؤامرة بهذه الطريقة؟
إذا كان المجلس يتحسب ويتحسس منذ أسابيع هذا الخطر، فلماذا لم يستعد له باحتوائه وإجهاضه؟
دعنا نستبق لجان التحقيق (هذا إذا تشكلت)، ونؤكد أن مظاهرات الأقباط كانت غاضبة، ومحتجة، ومحتدمة، ومنتشرة، وهذا طبيعى فى سياق بلد يتظاهر ويعتصم كل يوم، ثم بديهى بعد حادثة هى الثالثة أو الرابعة منذ الثورة، حيث يخرج مئات المسلمين المتعصبين ويحرقون أو يهدمون كنيسة ولا يرى الأقباط جهة أو شخصيات مسؤولة عن الحرق أو الهدم تتم معاقبتها، وترمى الحكومة كل مرة بالمسؤولية على مخالفات إدارية للأقباط، ثم يُطيِّب المجلس العسكرى الخواطر بالاستعانة بشيوخ معادين للأقباط ليحلوا المشكلة بكلام وشعارات، ما تلبث أن تنهار أمام حادثة جديدة، فكانت مظاهرات متوقعة ويذكى أوارها قساوسة وكهنة متعصبون، لكن الحقيقة أن الأرض خصبة تماما للغضب، فالحكومة عاجزة حتى عن غلق فم محافظ أسوان عن التصريحات الخائبة، والمجلس سلبى فى التعامل مع الأزمات الطائفية، وإذا كان موعد المظاهرات معروفا ومكانها محددا، فلماذا لم تتحرك الأجهزة المعنية للاحتواء، أو للاستجابة، أو للحوار، أو للتخفيف، أو حتى للتحذير؟ لماذا سكت المجلس العسكرى حتى يصل الآلاف من الأقباط إلى مبنى ماسبيرو فيتعامل معهم بهذا العنف المفرط والمستغرب والمستنكر، الذى يلقى بعشرات من علامات الاستفهام والتعجب حول سره؟
وإذا كانت حماية المنشآت هى غرض هذا العنف، فما علاقة شارع الجلاء وميدان عبد المنعم رياض بالمنشآت؟ حيث مفهوم أن المنشآت هى هذا المبنى الكئيب الجالب على مصر البلاوى والمصائب، مبنى ماسبيرو إشعاع التضليل والكذب فى كل أوان، وهل حماية المنشآت تقتضى مجزرة دهس المدرعات أجساد المتظاهرين ورؤوس الأطفال؟
هل حماية المنشآت تستلزم الوقيعة بين الجيش والأقباط؟ وإثارة فضيحة عالمية لمصر وثورتها وحكمها؟
أين ذهبت عقولنا فى هذه اللحظة؟
المذهل أن المجلس العسكرى قرر أن يتحمل فشل حكومة عاجزة، ورئيس حكومة هو نموذج صارخ للعجز وقلة الحيلة.
ومع إيمانى المطلق والكامل بوطنية مجلس الوزراء من سعاته إلى رئيسه، فإننى أظن أنه يعمل دون قصد ولا تعمد لضرب مكانة المجلس العسكرى ومكان الجيش المصرى فى قلب شعبه، فالعسكرى شغال على حل مشكلات هى من صميم عمل الحكومة، والعسكرى مغروس فى أزمات أمنية هى شغلة ومشغلة وزارة الداخلية، والعسكرى يصر على حماية فشل هذه الحكومة، والإبقاء عليها، وتحمل هرائها والتصدر للمشكلات والتصدى للأمن، وكأنه يضحى بقيمته، بل وبقيمه من أجل حفنة من الوزراء برئيسهم، لو مشيوا بكرة الصبح لن يذرف عليه أى مصرى دمعة واحدة!
يجب أن يعترف المجلس العسكرى أن قواته غير مدربة ولا مؤهلة على حماية الشوارع، وتأمين الميادين، ومواجهة المظاهرات، ومطاردة الشغب، وأن صيده على طريقة الاستنزاف وإرهاق حركته وضرب هيبته يبقى سهلا أمام غضب متظاهرين عشوائيين أو مخططات مدبرين متآمرين!
على الجيش أن يحمى هيبته ومكانته من أن ينغرس فى وحل السياسة وفى مستنقع الأمن الفاشل، وعلى المجلس العسكرى أن يثبت للشعب، خصوصا الأقباط، أنه سيحقق فى كل تقصير جرى (وأرجو أن لا تأخذه العزة وينفى وجود تقصير، بل هو أبعد من التقصير وأفدح، هو فشل مريع)، وأنه سيحاسب ويعاقب من جعل جيش مصر متورطا فى قتل متظاهرين مدنيين أقباط، هذا كى يحافظ على الثقة فيه وبه. الخوف الحقيقى أن يظل المجلس العسكرى على طريقة حسنى مبارك يأبى الاستجابة إلى الرأى العام والعقل السياسى الراشد الذى يطالبه بإقالة الحكومة، وأن يبقى المشير طنطاوى مصمما على الحفاظ على الفشلة العجزة، ويرفض التغيير والتضحية بهم.
إن ما جرى مؤامرة إذا أحب المجلس العسكرى أن يصفها، ولكن السؤال: ألم تسهم أنت فى إنجاح هذه المؤامرة بإراقة دم المتظاهرين، بل بترك عناصر داخل المظاهرات سواء منها أو من خارجها تضرب أبناء من جنود الجيش؟
لن أقول إن على المجلس العسكرى أن يرحل ويترك الحكم لسلطة مدنية، فالحقيقة أن هذه السلطة لن تتوفر إلا بانتخابات حرة قادمة، لكن إلى أن يترك المجلس الحكم ويسلمه إلى المدنيين عليه أن يترك الآن مساحة ومسافة للمدنيين أن يحكموا وأن يشكلوا حائط صد بينه وبين مشكلات هو ليس قدها ولا مجهزا لها، وكما يقول فهو أيضا لا يريدها، لن نستطيع الاستمرار مع هذه الحكومة ستة أشهر أخرى، إلا لو كان المجلس العسكرى مستعدا لارتكاب مأساة أخرى من أجل عيون فشل شرف، أو من أجل الحفاظ على سياسة حسنى مبارك الرافضة والمعادية للتغيير، وأظن أن مبارك دفع الثمن غاليا، ونحن يعز علينا جيشنا العظيم أن يكون مثل الرجل الذى ثار عليه شعبه!
رابط المقال: المجلس العسكرى شارك فى نجاح المؤامرة.. إن كانت مؤامرة!