عمر طاهر يكتب في التحرير: حكومة إعمل نفسك ميت
لم يحقق إعلان السمّاعة العجيبة أى مبيعات خلال اليومين الماضيين، بل
وصلتنى رسالة من أحد الأصدقاء أصحاب الاحتياجات الخاصة، يعاتبنى فيها على
جعل خلل صحىٍّ ما مادة للسخرية، وأكد لى أن السماعات دى عمرها ما نفعت حد
من مستخدميها، طبعا أنا مدين بتوضيح لهذا الصديق، مؤكدا أن من فقد حاسة
السمع يعوضها بتقوية حاسة الفهم والاستنتاج والألمعية الذهنية، فمعظم من
صادفونى فى حياتى من أشخاص يعانون من مشكلات فى السمع يتميزون بمهارات
ذهنية مذهلة وحساسية مفرطة، ولم أقصد بالإعلان أن أضايق أحدا منهم، ولكننى
أردت أن أضايق من رزقه الله نعمة السمع كاملة، لكنه لا يحسن استخدامها،
بل يدّعى الصمم أحيانا، أما بخصوص وجهة نظر هذا الصديق فى عدم جدوى هذه
السماعات المنتشرة فى السوق، فهذه شكوى أرفعها لوزارة الصحة، وأنا متأكد
تماما أنهم لن يهتموا وتلك هى المشكلة.
أتمنى على اللجنة التى ستضع دستور مصر القادم أن تضمِّنه مادة واضحة
وصريحة تلزم كل مؤسسة أو جهة حكومية أو خاصة أو شركة أو وزارة بالرد على
ما ينشر فى حقها من شكاوى أو مستندات فساد خلال أسبوعين على أقصى تقدير من
تاريخ نشر الشكوى، وأن تكون عقوبة تجاهل الرد أو التعليق قاسية، تختص بها
النيابة الإدارية، بحيث تعاقب المسؤول الأول فى هذه الجهة بلفت النظر أو
الإنذار أو التوقيف عن العمل.
انتهى زمن التنفيض وعرف الناس سكة الشارع وباتت الإضرابات حقا مكفولا
للجميع، لا يستطيع أحد أن يقف فى طريقه، وأنا شخصيا أشجع كل من سلك الطرق
الشرعية لبث مظالمه وشكواه دون أن يحصل على نتيجة أو رد على الإضراب، ولكن
واجب علينا أن نصوغ قانونا شعبيا للإضرابات، لا يؤذى أحدا ولا يجلب
اللعنة على المضربين، ويكون نافذ التأثير فى صميم قلب الجهة التى تجاهلت
شكوى المضربين، قبل أن يكون نافذ التأثير فى بقية الناس، تعجبنى فى قانون
شركات النت فكرة، ربما تصلح لأن تكون الأساس الذى تُبنَى عليه الإضرابات
فى الفترة القادمة، فشركات النت تحدد لك مقابل اشتراك شهرى معين سرعة
تحميل معينة.. عندما تتجاوزها أو عندما تتجاهل دفع الاشتراك لا تقطع عنك
الشركة الخدمة مباشرة، لكنها تقلل سرعة التحميل إلى أقل حد ممكن، فتضيّق
عليك الشركة الخناق دون أن (تفطسك تماما) تسمح لك بمساحة من خدمة النت
تليق بالأساسيات مثل الدخول إلى البريد الإلكترونى، لكن لا مجال للدخول
إلى خدمات أخرى حتى تلتزم بما عليك من حقوق، هكذا يجب أن يكون الإضراب..
تضييق الخناق بدلا من الشلل التام، الحفاظ على أساسيات الخدمة دون ضربها
فى مقتل، وقف الخدمة تماما يؤدى إلى الانفعال والعند، لكن الذكاء أن تترك
(شعرة) تقود من يتجاهلك إلى معرفة قيمتك.
المهم.. ورث القائمون على البلد من النظام السابق نظرية (إعمل نفسك
ميت) ينشر الواحد شكوى ويعتقد أنه لن ينام عقب نشرها من كثرة التليفونات
التى ستتبارى فى الرد والتوضيح أو النفى، لكن ولا حاجة!! أكاد أرى كل وزير
أو رئيس شركة أو رئيس مجلس إدارة والسكرتارية تعرض عليه الشكوى المنشورة،
وهو يشيح بوجهه بعيدا قائلا: (ماتردوش عليه.. سيبوه يهوهو.. لو ردينا
هنكبّر الموضوع.. سيبك منه نفّض نفّض).
نشرت عن الطائرة العسكرية التى طاردت السائحات بالمايوهات على شواطئ
العين السخنة وتوقعت أن أتلقى ردا يؤكد أن ما شاهده السائحات محض خيال
وحديث نفس، لكن ولا الهوى! نشرت عن فضيحة شركة مصر للطيران التى تطالب
الشركات السياحية اليابانية بعدم السفر إلى مصر الفترة القادمة، لأنها
تتوقع غضبا شعبيا.. توقعت أن يدافع أحد عن شركة حكومية تطفّش السياح أو
حتى يشرح لنا الحقيقة أو يرد قائلا: أنت راجل كداب ومافيش حاجة من دى
حصلت، لكن لا فائدة. كتبت عن الرجل السعودى الذى يربى أسدا ونمرا فى فيلته
بمدينة الرحاب مسببا ذعرا لجميع جيرانه وتطوعت إحدى الجارات بنقل الشكوى
للمسؤول الذى يقع مكتبه فى شركة مليئة بكميات من صور فوتوغرافية لهشام
طلعت مصطفى معلقة فى كل الجدران ومكتوب تحتها (كلنا هشام طلعت مصطفى)..
قال لها المدير إن الصحافة تهوّل الأمور كالعادة وماتخافوش اللى الراجل
مربيه ده مجرد شبل صغير.
كتبت عن أشياء كثيرة لكن هاقول إيه.. من يعاشر القوم أربعين يوما يصبح
منهم.. ومن يعاشر مبارك 30 سنة من الطبيعى أن يصبح مبدؤه فى الحياة
(خلّيهم يتسلوا).. وبالفعل أنا وكثيرون سنتسلى على هذه النماذج، مثلما سبق
لنا أن تسلينا على مبارك حتى رحل.. الصبر طيب.
رابط المقال: حكومة إعمل نفسك ميت