إبراهيم عيسي يكتب: ليس الجميع فلولا وليس الفلول الجميع!

الأحد، 18 سبتمبر 2011 | 2:44 م

إبراهيم عيسي يكتب في التحرير: ليس الجميع فلولا وليس الفلول الجميع!

إبراهيم عيسي
لا بد من إعادة تعريف كلمة الفلول التى صارت الأشهر فى حياتنا بعد ثورة يناير، حيث يتم استخدامها بشكل فضفاض حتى إنها باتت تعنى الجميع وتكاد تشمل الكل، فإما أن تكون إخوانيا أو عضوا فى كفاية أو الجمعية الوطنية أو ائتلاف الثورة أو معروفا بمعارضتك لمبارك فى سطوة حكمه… وإلا تكون فلولا!
ده اسمه كلام؟
أفهم أن يكون قيادات الحزب الوطنى وأعضاؤه المعروفون الذين عاثوا فى مصر فسادا واستبدادا وإفسادا وشاركوا فى صناعة الانهيار الذى عشناه وصنيعة التوريث الكارثى، هم المقصودين بالشخصيات المنبوذة المذمومة سياسيا والتى نطلب أو يسعى بعضنا لمنعها من الترشح أو من العودة مرة أخرى للمسرح السياسى، خصوصا أنه لا يوجد واحد فيهم أعلن إبراء ذمته الوطنية ولا اعتذر للناس ولا أبدى ندما على ما ارتكبه واقترفه من آثام مجرمة فى حق البلد، بل العكس هم منفوخون بالعدوانية وقلة الحيا والصفاقة إلى حد محاربة الثورة ومبادئها والتخطيط لتلويثها وتعطيلها.
لكن هؤلاء كم يعنى؟
يجيلهم كام واحد؟
مئة، خمسمئة عضو فى الوطنى وفى برلماناته ووزاراته؟
ماشى، حتى لو ألفا؟
اكتبوا أسماءهم واعلنوهم للكافة وقولوا عنهم ما قاله مالك فى الخمر، ومن يملك منكم دليل إدانة غير الاتهام السياسى ليذهب به إلى النائب العام للتحقق والتحقيق!
لكن على الأرض هناك آلاف من الذين يعتزمون المشاركة فى الحياة السياسية وفى الترشح للبرلمان القادم بعضهم بالفعل كان مستقلا ثم انضم للوطنى أو انشق عن الوطنى ودخل الانتخابات مستقلا ثم عاد وانضم له، نحن نتكلم مثلا فى انتخابات 2005 عن 48% من الناجحين فى الانتخابات (حصل الوطنى على 32% والإخوان على 20% والباقى كانوا من المستقلين الذين انضموا فى ما بعد للوطنى حرصا على نفوذهم فى الدائرة ورغبة منهم فى خدمة أهاليهم وناخبيهم أو بحثا عن نفوذ السلطة أو تجنب تعويقها لمشاريعهم أو وقوعا تحت الإغراءات).
نحن إذن أمام معضلة أن عددا ليس قليلا من هؤلاء وغيرهم الذين سيظهرون من خارج الأحزاب والإخوان لهم علاقة ما بالوطنى طفيفة أو قديمة أو خفيفة أو مؤقتة، وفرصة هؤلاء فى النجاح بل والفوز بنسبة من أربعين إلى خمسين فى المئة من مقاعد البرلمان فى الصعيد وبحرى وسيناء واردة جدا، فهل نقف ضد إرادة الناخب الحرة فى تصعيد هؤلاء للبرلمان ونتهمهم ونرفضهم ونقاطعهم ونلعنهم ونصفهم بالفلول بينما هم ناجحون فى انتخابات حرة نزيهة؟ ودعنى أركز هنا على ثلاثة أشياء:
الأول أن مرشحى الوطنى كانوا ينجحون بالتزوير الذى تجريه عناصر الشرطة أو تواطؤ بعض القضاة أو تدخل مباشر من أنصارهم تحت نظر ومشاركة الداخلية ولم يكن هناك ناجحون من الوطنى بشرف وبنزاهة إلا فى النادر جدا!
الثانى أن هناك عشرات من مرشحى أحزاب المعارضة مثل الوفد والتجمع والناصرى تحديدا شاركوا فى مسخرة التزوير ونجحوا بمنتهى الفجر والسفالة بتدخل أمن الدولة وخرجوا علينا مثلما حدث فى الدقى والإسماعيلية والمنصورة مثلا يتحدثون عن نزاهة الانتخابات وهم الآن بارزون جدا فى قائمة الوفد المزمعة، ومبارزون جدا فى قائمة التجمع المقترحة بينما هم فلول بالثلاثة، بل أعضاء الوفد والتجمع والناصرى الذين نجحوا فى الانتخابات السابقة أسوأ وأقل شرفا سياسيا من أى عضو وطنى فاز بالتزوير، لكننا نلاحظ صمتا قبوريا عنهم وهم يجلسون فى صدارة الاجتماعات الحالية!
الثالث أن الذين اتخذوا من عضوية مجلس الشعب فى السنوات السابقة جسرا للحصول على الحصانة كى يمرروا فسادهم ويحصّنوا صفقاتهم ويرشوا ويرتشوا ويستغلوا العضوية فى شراء الأراضى وامتيازات التجارة هؤلاء لن يحاولوا الدخول للبرلمان لأن مصر الديمقراطية الجديدة فيها كل العيون مفتوحة وكل أبواب السجون مفتوحة، ولن تسمح بالإثراء غير المشروع على حساب البلد ومن ثم لا يشكل البرلمان فرصة للفسدة ولا وسيلة للنهابين بل سيكون النواب تحت رقابة ومتابعة تعرّى وتفضح الفاسد المفسد!
إذن إن قررنا أن كل من عدانا فلول فنحن نسلم بالهزيمة مبكرا جدا ونصادر حق الجمهور فى اختيار نوابه ثم إننا نغلق باب الرحمة والتوبة والمراجعة السياسية والوطنية عن هؤلاء ونقذف بهم فى دوائر العدوان على قيمنا ومخاصمة محاولاتنا لتقدم ورفاهية بلادنا!
الأنكت من هذا أنهم سيجدون متحالفين معهم فورا من تنظيم دينى لا يجد أى مشكلة فى التعاون معهم لتحقيق أغراضه وسيرفع شعار أن الله يقبل التوبة وخير الخطائين فى الوطنى التوابون عن الوطنى!
لا يمكن هكذا بمنتهى الوضوح نزع مئات من أبناء العائلات والعشائر والقبائل فى الصعيد وبحرى من الجسد السياسى والانتخابى فى مصر ولا يمكن اتهام عشرات يحبون قراهم ودوائرهم ويريدون خدمتها ولعب دور فى الحياة المحلية العامة بأنهم فلول لمجرد أنهم لا يملكون برنامجا سياسيا ولا عضوية فى جمعياتنا وتياراتنا المعارضة لمبارك!
نحن فى حاجة ماسة إلى النضج فى التعامل مع هذا الواقع الجديد والانفتاح على الذين يعلنون رغبتهم فى الإصلاح وعن مشاركتهم فى بناء الوطن بقواعد جديدة منبتّة الصلة عن عهود الفساد والتزوير التى ربما تورط فيها بعضهم لكن يبقى أنهم تَبرّؤوا وبرئوا منها.
ولنتذكر جميعا أنها انتخابات حرة.
وأننا لسنا أوصياء على الشعب حين يختار مجلس الشعب!

المصدر: جورنال أون لاين