عمر طاهر |
عمر طاهر يكتب في التحرير: وأنااااا على الربابة باغنى
يبدو أنه قد انكتب على الواحد أن يظل كاتبا معارضا يبحث كل صباح عمن
يستحق إنه يتغزّ بمقال فى جنبه غزة توقع اللقمة من بقه، عندما هُيّئ لى أن
الثورة نجحت اعتقدت أن هذا الدور قد انتهى وأننى سأتحول من كاتب معارض
مرة بالسخرية ومرة بالقفش ومرة بشغل الأراجوزات ومرة بشغل الصعايدة.. أقول
اعتقدت أننى سأخرج من هذه المرحلة لأتحول إلى كاتب يقف على مقربة من
الشعب يبنى وطنا.. يقف على مقربة منهم يكتب لهم أغنيات حماسية ويقول لهم
حكايات تفتح الشهية وتفتح مسامَّ الخيال.. يهوّن عليهم تعبهم ويدعم وجود
الابتسامة على وجوههم طول الوقت، بفيلم أو مسرحية أو كتاب.. يعلّم أطفالهم
ويأخذ بأيدى جهلائهم.. يطوف البلاد من أجلهم حتى يحضر إليهم أشباه
المجاذيب أمثاله المختبئين فى شوارع ضيقة فى مدن بعيدة، اعتقدت أننى
سأتحول إلى فواعلى يسند ظهر الشغالين بما يجيده حتى لو كان الكلام، لكننى
بدلا من مهاجمة مبارك أهاجم سيادة المشير، وبدلا من أن يحطّ الواحد على
مجلس الشعب لا بد له كل يومين من حطة على المجلس العسكرى، الداخلية التى
كنا نهاجم إفراطها فى الحضور ننتقد الآن إفراطها فى الغياب، المعارضة
المستأنسة تغيرت اليد التى تمسك بطرف السلسلة المعلَّقة فى رقبتها، منذ
يومين أطل على شاشة التليفزيون المصرى زميل لى فى العمل وجارى فى العمارة
وشريك اللجنة الشعبية.. كانا هما المعلقين على زيارة المشير لشوارع وسط
البلد، الأول يقول له «البدلة بتعنى أنه يصلح للرئاسة»، والآخر يقول له
«شُفت ازاى مافيش حد من الحراس بيقول للناس اوعوا؟»، إذن النقد والهجوم
الآن اتسعت دائرته لتشمل بعضا من شركاء العيش والملح، الإخوان بعد أن كانوا
محل تقدير ودعم من قبل صاروا حملا جديدا على الواحد لا بد أن يقف له على
الواحدة بالذات مع النماذج التليفزيونية منهم مثل أحمد أبو بركة وصبحى
صالح.. صار الواحد ملزما بمحاصرة أصوات تبدو ثورية لكنها ثورة تشبه زنة
محول الكهربا، فاتسعت القائمة لتجعل الواحد منتبها لصحفيين وإعلاميين وبتوع
حقوق إنسان وبتوع ائتلافات ثورة… أقضى اليوم كله فى النقد إن لم يكن فى
مقال فعلى «تويتر» أو على القهوة أو حتى فى الحمام حيث يجلس الواحد مشعلا
سيجارته سارحا فى تبدل الناس ومستعرضا قائمة الأسماء التى يجب أن ننتبه لها
بقوة سواء انتباها لاتقاء سمومها أو انتباها للعزيمة الوطنية التى
يمتلكونها.
لا أشكو لحضرتك.. نحن نعيش أجمل أيامنا.. والبناء قادم.. أنا بس اللى
مستعجل، وأحلم أن تبدأ فترة تشبه ولو من بعيد مطلع الستينيات حين كان
الجميع يحملون البلد على أكتافهم وطايحين بيه فى كل مكان، أستعجل قدوم هذه
المرحلة لأن أى شىء يعمله الواحد فى ظلها يلمس القلب بقوة وينظّف المخ
والشرايين ويجعل الحواسّ كلها صافية وتعمل بأقصى كفاءة.. لكن إلى هذا
الحين لا بأس من العمل والكفاح كأننا نعانى من الاحتلال، فلهذه المرحلة
جمالها أيضا ولقسوة ظروفها طعم سنستسيغه على مهل عندما تنتهى، لا بأس من
العودة إلى الميدان واقتسام الأسفلت كفراش مع سندوتشات الحلاوة الطحينية..
لا بأس من اصطياد الوجوه التى قد تثير العكننة فى نفوسنا واحدا تلو
الآخر، ويا لها من متعة! قبل أن يبدأ التاريخ ليس هناك ما هو أجمل من أن
تمهد له الطريق.. والحجارة التى سنبنى بها البلد من أين لنا بها ما لم نقم
معًا بتكسير الجبل؟!
رابط المقال: وأنااااا على الربابة باغنى
المصدر: جورنال أون لاين