خيري شلبي |
آخر ما كتب الأديب الراحل خيرى شلبى في اليوم السابع: إسكندريلا.. والزعفران
كان فؤاد حداد وصلاح جاهين توأمين من بطن شعرية واحدة، هى على وجه التحديد
ذاكرة الوجدان المصرى العريق عراقة الطمى..
توأمان عظيمان لكل منهما
فرادته، حداد نفس ملحمى متعدد الأصوات، يسامر الأشجار والأحجار والنحل
والكلاب وكل ما يدب على الأرض من كائنات، يساهر الأقمار والشموس والقلوب
المسكونة بالوجع خلف الأسوار وخارجها، يحقن الرجال بمصل المقاومة الدافئ
بحرارة العزل والكرامة والشموخ، يؤنسن الشاى والقهوة والحلبة والقرفة
والينسون والكنب والكراسى وطبلة المسحراتى وطرطور الأراجوز والشخليلة، أما
جاهين فغنائى صرف، ذاته ينبوع شعره، يضخ الشعر المكابد المبهج معا، تتسع
ذاته لهموم كل البشر حتى لكأنه جماعهم، فيض ذواتهم، فلسفته تأملاتهم،
تأملاته مكابداتهم، فى أوصال شعره تسرى أريحية المصريين وروحهم الفكهة
السمحة القادرة على نسيان «الأسية» إن جاءت من الأحباب. حداد حقول قمح
وشعير وأرز وفول حراتى مترامية الأطراف، وجاهين بستان فاكهة وأحواض فل
وياسمين وورد بلدى.
ولئن كان صلاح جاهين قد صار علما على شعر العامية المصرية إذ هو المسؤول عن التأسيس لشعبيته فى الصحافة والإذاعة والتلفاز والمسرح والسينما، فإن كل هذه الأوساط - فضلا عن عامة القراء - قد آمنت بأن فؤاد حداد هو والد الشعراء حقا وصدقا: «أنا والد الشعراء فؤاد الحداد. أيوه أنا الوالد وياما ولاد.. قبلسَّه ربيتهم بكل وداد.. بعدسَّه تلميذ أولى وإعداد»، يعنى هو الوالد والمعلم والتلميذ، يعلم ويتعلم فى آن معا، وقد صدق شهيد الصدق، فقبل رحيله كان عدد الشعراء الشبان الملتقين حول كرسيه الشعرى يتضاعف كل يوم، تتجدد ملامحه الشعرية على وجوه قصائدهم فى خلق جديد طازج، فينتشى الوالد ويقيم لهم الأعراس فى قصائده، فما كاد يرحل حتى امتلأت مصر بأبنائه ثم أحفاده فى جميع أنحاء القطر المصرى، يتم اكتشافه كل يوم، كل جيل جديد يجد فيه متاعا. فسنابله تطرح فى كل قراءة محصولا جديدا، وأوراقه تبقى أبد الدهر خضراء تفوح منها رائحة الخضرة الطازجة ممزوجة برائحة الطمى فى زمن الفيضان.
لا يمر يوم إلا وأكتشف أبناء جددا لفؤاد حداد، شعراء وملحنين ومطربين وممثلين ومخرجين ومصورين، هل أتاكم حديث فرقة إسكندريلا الغنائية؟ المؤكد أن معظمكم شاهدها على شاشة التلفاز فى بعض البرامج أو حضر لها بعض حفلات.
إنها أحدث الفرق الغنائية التى طرحتها حقول فؤاد حداد وبساتين صلاح جاهين، مطعمة بأحفاد حداد وجاهين من أبناء الرحم، يقودها ملحن سكندرى شاب اسمه حازم شاهين، عبقرى الشعور من مدرسة سيد درويش ومن تراب الإسكندرية الزعفران.
أعضاؤها هم: سلمى ابنة أمين فؤاد حداد، وهى زوج لحازم، وشقيقها أحمد أمين حداد، ومى ابنة حسن فؤاد حداد، وسامية ابنة صلاح جاهين وخالة سلمى، وآية ابنة الفنان محمود حميدة، واثنان من عازفى العود، وعازف إيقاع، هم المغنى والكورس، أداؤهم مسرحى تعبيرى منضبط، يذوبون فى الأداء بوجد صوفى مبهج نابع من تشربهم أشعار التوأمين لكأنهم قصائد منها تشخصت بموسيقاها الداخلية المتدفقة، إن ألحان حازم شاهين يجب أن تسمعها مصر كلها، أما لحن الحضرة الزكية فإنه عمل فنى كبير حقا، ولهذا أطلب من وزير الثقافة أن يحتضن هذا اللحن المسرحى المبهر بعمقه وجماله، فيكلف مخرجا نابها من أبناء فؤاد حداد - وما أكثرهم - بتنفيذ هذا اللحن فى عرض مسرحى يجوب مصر من أقصاها إلى أقصاها بالسيرة النبوية فى أرقى استيعاب لها وفى أبدع تشخيص لمعطياتها الإنسانية التى سوف يشعر مشاهدوها بأنهم يكتشفونها لأول مرة.
رابط المقال: إسكندريلا.. والزعفران
المصدر: جورنال أون لاينولئن كان صلاح جاهين قد صار علما على شعر العامية المصرية إذ هو المسؤول عن التأسيس لشعبيته فى الصحافة والإذاعة والتلفاز والمسرح والسينما، فإن كل هذه الأوساط - فضلا عن عامة القراء - قد آمنت بأن فؤاد حداد هو والد الشعراء حقا وصدقا: «أنا والد الشعراء فؤاد الحداد. أيوه أنا الوالد وياما ولاد.. قبلسَّه ربيتهم بكل وداد.. بعدسَّه تلميذ أولى وإعداد»، يعنى هو الوالد والمعلم والتلميذ، يعلم ويتعلم فى آن معا، وقد صدق شهيد الصدق، فقبل رحيله كان عدد الشعراء الشبان الملتقين حول كرسيه الشعرى يتضاعف كل يوم، تتجدد ملامحه الشعرية على وجوه قصائدهم فى خلق جديد طازج، فينتشى الوالد ويقيم لهم الأعراس فى قصائده، فما كاد يرحل حتى امتلأت مصر بأبنائه ثم أحفاده فى جميع أنحاء القطر المصرى، يتم اكتشافه كل يوم، كل جيل جديد يجد فيه متاعا. فسنابله تطرح فى كل قراءة محصولا جديدا، وأوراقه تبقى أبد الدهر خضراء تفوح منها رائحة الخضرة الطازجة ممزوجة برائحة الطمى فى زمن الفيضان.
لا يمر يوم إلا وأكتشف أبناء جددا لفؤاد حداد، شعراء وملحنين ومطربين وممثلين ومخرجين ومصورين، هل أتاكم حديث فرقة إسكندريلا الغنائية؟ المؤكد أن معظمكم شاهدها على شاشة التلفاز فى بعض البرامج أو حضر لها بعض حفلات.
إنها أحدث الفرق الغنائية التى طرحتها حقول فؤاد حداد وبساتين صلاح جاهين، مطعمة بأحفاد حداد وجاهين من أبناء الرحم، يقودها ملحن سكندرى شاب اسمه حازم شاهين، عبقرى الشعور من مدرسة سيد درويش ومن تراب الإسكندرية الزعفران.
أعضاؤها هم: سلمى ابنة أمين فؤاد حداد، وهى زوج لحازم، وشقيقها أحمد أمين حداد، ومى ابنة حسن فؤاد حداد، وسامية ابنة صلاح جاهين وخالة سلمى، وآية ابنة الفنان محمود حميدة، واثنان من عازفى العود، وعازف إيقاع، هم المغنى والكورس، أداؤهم مسرحى تعبيرى منضبط، يذوبون فى الأداء بوجد صوفى مبهج نابع من تشربهم أشعار التوأمين لكأنهم قصائد منها تشخصت بموسيقاها الداخلية المتدفقة، إن ألحان حازم شاهين يجب أن تسمعها مصر كلها، أما لحن الحضرة الزكية فإنه عمل فنى كبير حقا، ولهذا أطلب من وزير الثقافة أن يحتضن هذا اللحن المسرحى المبهر بعمقه وجماله، فيكلف مخرجا نابها من أبناء فؤاد حداد - وما أكثرهم - بتنفيذ هذا اللحن فى عرض مسرحى يجوب مصر من أقصاها إلى أقصاها بالسيرة النبوية فى أرقى استيعاب لها وفى أبدع تشخيص لمعطياتها الإنسانية التى سوف يشعر مشاهدوها بأنهم يكتشفونها لأول مرة.
رابط المقال: إسكندريلا.. والزعفران